صحيفة مصرية تختار عائشة وعثمان ضمن أسوأ 10 في الاسلام
أثار ملحق من 4 صفحات أصدرته جريدة "الغد" المصرية عن أسوأ شخصيات في الاسلام جدلا حادا وانتقادات واسعة بسبب تصديره لأم المؤمنين السيدة عائشة وعثمان بن عفان قائمة هذه الشخصيات.
وتصدر هذه الجريدة عن حزب الغد الليبرالي الذي يتزعمه د. أيمن نور المغيب في السجن حاليا تنفيذا لحكم قضائي بشأن اتهامه بتزوير توكيلات الحزب عند تأسيسه، ولا تزال ترويسة الجريدة تحمل اسمه كرئيس للتحرير، وان كان لا يتمكن من ادارتها بسبب حبسه، ويرأس تحريرها فعليا الصحفي أحمد فكري الذي اختير قبل اسبوعين فقط، وهذا العدد المثير للجدل هو العدد الثاني له.
قال أيمن بركات عضو الهيئة العليا للحزب بأن سيتم عقد اجتماع لبحث ما حدث قائلا: لا أعرف مقدما ما يمكن ان ينتج عن الاجتماع، لكني أتوقع شخصيا ألا يمر هذا الموضوع بسهولة، فكلنا نقدر هؤلاء الصحابة ونحترمهم ولا يمكن المس بأشخاصهم.
وتوقع أن يتم فتح تحقيق مع المشرفين على التحرير، ونشر بيان اعتذار في العدد القادم، خصوصا أن العنوان جاء مخالفا للمضمون الذي يتناول مواقف لهؤلاء الصحابة دون الاساءة إلى أشخاصهم.
ونفى ما تردد بأن ثمة اختراقا أمنيا حدث في الصحيفة كان من نتيجته اصدار هذا الملحق للاساءة إلى الحزب وصورة د. أيمن نور في أوساط الرأي العام، مشيرا إلى أن ما حدث لا يزيد عن كونه خطأ مهني في اختيار العنوان لا ينطبق على المضمون، نافيا أيضا أن يكون هناك اختراق ايراني أو شيعي ممول من الخارج، قائلا إن هذه الأمور مستبعدة تماما في مصر، ناهيك عن أنها غير موجودة في الصحيفة، ولا توجد خلفيات طائفية من أي نوع وراء هذا الملحق.
عنوان صادم يتناقض مع المضمون
وأكد أيمن بركات إن العنوان كان مستفزا وصادما، وأنه أحدث ردود فعل غاضبة حتى من اعضاء الحزب، وان الاتصالات لم تنقطع عن مقر الحزب. وقال إن الملحق مكون من أربع صفحات بحجم صفحات الجريدة المعتاد تتحول إلى ثماني صفحات "تابلويد" عند طيها كملحق منفصل.
وأوضح بركات: اقتصرت الصفحة الأولى على عنوان شامل للملف يقول " من عائشة أم المؤمنين وعثمان الخليفة الراشد وحتى الأب الرئيس والابن الوريث.. أسوأ عشر شخصيات في الاسلام".
وقال: العنوان لا ينطبق على المضمون، فالكلام عن السيدة عائشة يوجه المديح لها، و يصفها بأنها ظلت تبكي حتى وفاتها على موقفها في موقعة الجمل وعلى الذين قتلوا في تلك الموقعة. "من المقبول الحديث عن موقف سيئ للشخص، لكن وصفه هو ذاته بأنه من أسوأ الشخصيات فهذا ما لا يمكن قبوله بالنسبة لأم المؤمنين وكبار الصحابة المبشرين بالجنة".
ويضيف: المضمون يبدأ من الصفحة الثانية من الملحق و تقول مقدمته: نحن نحبهم جدا ونقدرهم جدا ولكننا نرى من حقنا أن نختلف معهم أحيانا. وبدأ بعثمان بن عفان حيث تكلم عن اطلاق يد الأقارب في الحكم، ثم الزبير بن العوام باعتبار انه تورط في موقعة الجمل، بعد ذلك أم المؤمنين السيدة عائشة وكتب عنها: ظلت طوال عمرها تبكي عشرين ألف قتيل مسلم ماتوا بسببها في موقعة الجمل، وبعد ذلك عمرو بن العاص عن واقعة التحكيم، وطلحة بن عبيد الله عن موقفه بشان مقتل عثمان ثم المطالبة بالثأر له، والمغيرة بن شعبة فيما يخص التوريث من معاوية ليزيد بن معاوية، ومعاوية عن "اغتصاب" الخلافة، وعبد الملك بن مروان، والحجاج بن يوسف الثقفي.
وأشار أيمن بركات إلى أن هذه الملحق لا يحمل اسما أو اسماء وراء اختبار هذه الشخصيات، او الطريقة التي تم الاعتماد عليها، انما مجرد انطباعات لمن قاموا بكتابته.
أما رئيس تحرير "الغد" أحمد فكري فقال لـ"العربية.نت" انه هو الذي كتب الملف واختار هذه الشخصيات بناء على تأثيرها وخطرها على الحياة الاسلامية، فهي
التي اجهضت الحلم الديمقراطي في الحياة الاسلامية أو توقف عندها حكم الخلفاء الراشدين، والذين يمكن اعتبارهم مجموعة الشركاء في حادث الفتنة الكبرى.
لا اختراق شيعيا ولا نحن تشيعنا
وأضاف: الملف يقول إن هؤلاء العشرة هم الأسوأ سياسيا لأنهم كانوا الأكثر تأثيرا وخطرا على الشورى والخلافة وحولوها من حكم ديمقراطي يتم انتقال السلطة فيه بارادة الناس إلى حكم وراثي عضود، حيث بدأت فيما بعد الدولة الاموية ثم العباسية.
ويوضح أحمد فكري إن البعض اعتبر أن هذا هو كلام الشيعة ونوع من التشيع والتعرض لصحابة رسول الله، نافيا ما قيل عن ثمة اختراق شيعي قائلا "هذا كلام غير صحيح أو معقول اطلاقا، وحقيقة القضية هو الجدل السائد في مصر حاليا عن توريث السلطة، والناس كلها ضد ذلك التوريث، ومن ثم نحن قلنا إن مفهوم توريث السلطة ابتدأ في الاسلام من هؤلاء العشرة، ومع كل تقديرنا لهم كأشخاص وكمبشرين بالجنة ولهم قيمتهم في حياتنا، إلا أنهم كانوا شركاء أساسيين ورؤوس الممارسة السياسية في حادث الفتنة الذي راح ضحيته عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وآل البيت وأكثر من 15 ألف مسلم في موقعة الجمل وفي المواقع الأخرى.
من هو الأب الرئيس والابن الوريث؟
وأوضح أن المقصود بالأب الرئيس والابن الوريث في العنوان، معاوية بن أبي سفيان وابنه، وأن الملف غير مسلسل ويخص العدد الذي صدر فقط ولا يمتد لأشخاص في العصر الحديث كما قيل، مشيرا إلى أن "ملحق العدد الذي قبله كان عن (النبي الليبرالي).. حيث أننا نصدر كل أسبوع ملحقا ذا موضوع مختلف".
وأكد أحمد فكري رئيس تحرير "الغد" أن الموضوع يتكلم فقط عن السلوك السياسي الذي حول حكم الدولة الاسلامية وامبراطوريتها العظيمة من دولة ديمقراطية تسود فيها حالة المكاشفة الواضحة من أي شخص عادي لحاكم الدولة، إلى دولة وراثية.
واستطرد: "لا أحد يستطيع أن ينكر دور عمرو بن العاص في توطيد حكم الأمويين، وأن عثمان بن عفان نفسه وهو الخليفة الراشد المبشر بالجنة وذو النورين – تزوج ابنتين من بنات الرسول – اختلف حوله الصحابة حتى أنهم قتلوه ولم يدفنوه. هذا حدث تاريخي لا يمكن انكاره، وكان ضمن القتلة محمد بن أبي بكر الصديق".
وأضاف فكري: نحن نناقش مواقف سياسية لأشخاص وبشر، وفي الاسلام ليست هناك أية قداسة للبشر. والمشكلة ليست في عنوان الملحق، وإنما في أشخاص لديهم حس المؤامرة، ويتصورون أن الشيعة وراء ذلك، ولديهم تصورات خاطئة وغريبة عن كيفية تفكير الانسان. الحقيقة أن البعض يفكر بمنطق المؤامرة ونحن نفكر بأهمية التعلم من تاريخنا.
سباق صحفي بدون معايير مهنية
من جهته قال الكاتب الصحفي سليم عزوز إن الموضوع يعود لسباق بين بعض الصحف حول اختيار قائمة بأسوأ أو أفضل الشخصيات في محاولة لجذب القراء، بعد حالة تشبع من الموضوعات التي تنتقد النظام ولم تعد تغري كثيرا بالقراءة بسبب تكرارها.
وأضاف: هذا الأسلوب أدى لغياب المعايير المهنية الصحيحة واختلاط الأمور، خاصة أن هناك هبوطا في توزيع عدد من الصحف لا سيما صحيفة "الغد" التي هبط توزيعها إلى أقل من عشرة آلاف نسخة بعد ان كانت توزع أكثر من مائة ألف نسخة قبل دخول رئيس الحزب ورئيس تحريرها أيمن نور السجن.