دليل لعن أبي هريرة
قلت: أدلة العلماء الذين ردوا روايات أبي هريرة ورفضوها كثيرة وغير قابلة للتأويل.
منها: إنه كان موافقا لمعاوية، وهو رأس المنافقين وزعيمهم، الملعون على لسان النبي المأمون (صلى الله عليه وآله).
وقد كان أبو هريرة، كما نقل العلامة الزمخشري في " ربيع
الأبرار " وابن أبي الحديد في " شرح نهج البلاغة " وغيرهما، أنه كان في أيام صفين يصلي خلف الإمام علي عليه السلام ويجلس على مائدة معاوية فيأكل معه، ولما سئل عن ذلك؟ أجاب: مضيرة معاوية أدسم، والصلاة خلف علي أفضل (أتمّ) ولذا اشتهر بشيخ المضيرة.
ومنها: إنه روي، كما في كتب كبار علمائكم مثل: شيخ الإسلام الحمويني في " فرائد السمطين " باب 37، والخوارزمي في " المناقب " والطبراني في " الأوسط " والكنجي الشافعي في " كفاية الطالب " والإمام أحمد في " المسند " والشيخ سليمان القندوزي في " ينابيع المودة " وأبو يعلى في " المسند " والمتقي الهندي في " كنز العمال " وسعيد ابن منصور في " السنن " والخطيب البغدادي في " تاريخه " والحافظ ابن مردويه في " المناقب " والسمعاني في " فضائل الصحابة " والفخر الرازي في " تفسيره " والراغب الأصفهاني في " محاضرات الأدباء " وغيرهم، رووا عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: علي مع الحق، والحق مع علي، يدور الحق حيثما دار علي عليه السلام.
وقال (صلى الله عليه وآله): علي مع القرآن، والقرآن مع علي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.
وأبو هريرة يترك الحق والقرآن بتركه عليا عليه السلام، ويحارب الحق والقرآن بانضمامه إلى معاوية بن أبي سفيان، ومع ذلك تقولون: هو صحابي جليل وغير مردود وغير ملعون!
ومنها: أنه روي في كتب علمائكم، مثل الحاكم النيسابوري في المستدرك 3/124، والإمام أحمد في " المسند " والطبراني في " الأوسط "، وابن المغازلي في " المناقب " والكنجي الشافعي في " كفاية
الطالب " الباب العاشر، وشيخ الإسلام الحمويني في " الفرائد "، والمتقي الهندي في " كنز العمال " 6/153، وابن حجر في الصواعق: 74 و75.
عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: علي مني، وأنا من علي، من سبه فقد سبني، ومن سبني فقد سبّ الله.
مع ذلك كله يذهب أبو هريرة إلى معاوية ويجالسه، حتى يصبح من ندماء معاوية الذي كان في السر والعلن، وعلى المنابر، وعلى رؤوس الأشهاد، وفي قنوت الصلوات، وخطب الجمعات، يسبّ ويلعن الإمام عليا والحسن والحسين عليهم السلام.
وكان يأمر ولاته الفسقة الفجرة أن يقتدوا به ويفعلوا مثل فعله!
وأبو هريرة يركن إليه ويجامله ويجالسه ويؤاكله، ولا ينهاه عن كفره ومنكراته، بل يجعل الأحاديث عن لسان النبي (صلى الله عليه وآله) في تأييده وتصحيح أفعاله المنكرة، ويغوي الناس العوام، ويبعدهم من الإمام، ويحرفهم عن الإسلام، ومع هذا كله لا يسقط عندكم عن درجة الاعتبار؟!!
الشيخ عبد السلام: هل من المعقول أن نقبل هذه التهم والمفتريات على صحابي طاهر القلب؟! إنما هي من موضوعات الشيعة!!
قلت: نعم، ليس بمعقول أن صحابيا طاهر القلب يقوم بهذه المنكرات، لأن العامل بها كائنا من كان، فإنه آثم قلبه.
وكل من يكذب على النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ويسب الله ورسوله فإنه كافر ومخلد في جهنم وإن كان من صحابة الرسول (صلى الله عليه وآله)!
وبنص الأخبار الكثيرة الواردة في كتبنا وفي كتب كبار علمائكم
الأعلام أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من سبّ عليا فقد سبّني وسب ّالله سبحانه.
وأما قولكم: إن هذا الكلام من موضوعات الشيعة، فهو اشتباه محض ، لأنكم تقيسون القضايا على أنفسكم، وأن كثيرا منكم لا يتورعون من الكذب وكيل الاتهامات على شيعة آل محمد (صلى الله عليه وآله) من أجل الوصول إلى غاياتهم الدنيوية، فيغوون بكلامهم الباطل العوام الجاهلين، ولا يخشون يوم الدين ومحاسبة رب العالمين.
عبد السلام: إنما أنتم الشيعة كذلك! فأنت أحد علمائهم، وفي مجلسنا هذا لا تتورع عن سبّ الصحابة الكرام، والافتراءات عليهم، فكيف تتورع من الافتراء على علمائنا الأعلام؟!
قلت: ولكن التاريخ يشهد على خلاف ما تدعيه، فإن أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) مضطهدون ومشردون ومحاربون!
إذ أن حكومة بني أمية حين أسست قررت محاربة آل محمد (صلى الله عليه وآله) وعترته الطاهرة، وأعلنوا على المنابر سبّ علي بن أبي طالب ولعنه، وهو أبو العترة وسيدهم ، بل أمعنوا في السب واللعن حتى سبّوا الحسن والحسين وهما سبطا رسول الله و ريحانتاه وسيدا شباب أهل الجنة.
وقاموا بمطاردة الشيعة حتى إذا ظفروا بهم سجنوهم وعذبوهم، وكم قتلوا منهم صبرا تحت التعذيب!!
والمؤسف أن بعض علمائكم كانوا يساندون أولئك الظلمة ويفتون بمشروعية تلك الأعمال الجنائية والإجرامية!!
وبعضهم يحوكون الأكاذيب والأباطيل بأقلامهم المأجورة فينسبونها على الشيعة على أنها من معتقداتهم! وبناء عليها يحكمون على الشيعة المؤمنين بالكفر والشرك والرفض والغلو، وما إلى ذلك من التهم والأباطيل، فيزرعون في قلوب أتباعهم ، العوام الغافلين، بذور عداوة الشيعة المؤمنين.
عبد السلام: إن علماءنا الأعلام كتبوا عن واقعكم ولم ينسبوا إليكم ما ليس فيكم، وإنما كشفوا عن أعمالكم الفاسدة وعقائدكم الباطلة، فاتركوها حتى تسلموا من أقلام علمائنا الكرام.
الكلام في ذم أبي هريرة
ولكي يعرف الشيخ أن الشيعة لم ينفردوا في ذم أبي هريرة، بل
كثير من علماء العامة ردوا عليه أيضا ورفضوا رواياته، أنقل بعض ما جاء منهم في هذا المجال:
1ـ ابن أبي الحديد، في شرح نهج البلاغة: 4/63 ـ ط دار إحياء التراث العربي، قال: وذكر شيخنا أبو جعفر الإسكافي رحمه الله تعالى... أن معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي (عليه السلام)، تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وجعل لهم على ذلك جعلا وعطايا مغرية، فاختلفوا ما أرضاه ، منهم: أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين: عروة بن الزبير...
وفي الصفحة 67 من الجزء نفسه ذكر ابن أبي الحديد، أن أبو جعفر قال: وروى الأعمش، قال لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة، جاء إلى مسجد الكوفة، فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبته ثم ضرب صلعته مرارا وقال:
يا أهل العراق! أتزعمون أني أكذب على الله وعلى رسوله، وأحرق نفسي بالنار؟!
والله لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إن لكل نبي حرما، وإن حرمي بالمدينة، ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
وأشهد بالله أن عليا أحدث فيها!!
فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه إمارة المدينة.
أسألكم أيها المستمعون بالله عليكم! ألا يكفي هذا الخبر وحده لرد أبي هريرة وإسقاط رواياته عن الاعتبار؟! أم أن الشيخ عبد السلام
يعتقد أن أبا هريرة لما كان من الصحابة، فيحق له أن يقول ما يحب ويفتري ويكذب، وله أن يتهم أفضل الخلفاء الراشدين وأكملهم حسب رواياتكم وهو الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وليس لأحد أن يرد عليه ويضعفه أو يطعن فيه؟!
الشيخ عبدالسلام: لو فرضنا صدق كلامكم وصحة بيانكم فكل ذلك لا يوجب لعن أبي هريرة؟! وأنا إنما استشكل عليكم وأقول: بأي دليل تلعنون أبا هريرة ؟!
قلت: بديل العقل والنقل أنه: لا يسب النبي (صلى الله عليه وآله) إلا ملعون، وحسب الأخبار والأحاديث المعتبرة المروية عن طرقكم والمسجلة في كتب كبار علمائكم، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:
من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله سبحانه وتعالى.
وأبو هريرة كان من الذين يسبون عليا (ع)، وكان يجعل الأحاديث في ذمه (ع) ليشجع المسلمين الغافلين والجاهلين على سب أمير المؤمنين (عليه السلام).
أبو هريرة مع بسر بن أرطأة
2ـ ذكر الطبري في " تاريخه " وابن الأثير في " الكامل " وابن أبي الحديد في " شرح النهج " والعلامة السمهودي وابن خلدون وابن خلكان، وغيرهم: أن معاوية حينما بعث بسر بن أرطأة، الظالم الغاشم، إلى اليمن لينتقم من شيعة الإمام علي (عليه السلام) كان معه أربعة آلاف مقاتل، فخرج من الشام ومر بالمدينة المنورة ومكة المكرمة والطائف وتبالة ونجران وقبيلة أرحب ـ من همدان ـ وصنعاء
وحضر موت ونواحيها، وقتلوا كل من ظفروا به من الشيعة في هذه البلاد، وأرعبوا عامة الناس، فسفكوا دماء الأبرياء، ونهبوا أموالهم، وهتكوا حريمهم، وقضوا على كل من ظفروا به من بني هاشم حتى لم يرحموا طفلي عبيد الله بن العباس ـ ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ وكان واليا على اليمن من قبل الإمام علي (عليه السلام).
وذكر بعض المؤرخين: أن عدد الذين قتلوا بسيوف بسر وجنده في تلك السرية بلغ ثلاثين ألفا!!
وهذا غير عجيب من معاوية وحزبه الظالمين، فإن التاريخ يذكر ما هو أدهى وأمر من هذا الأمر.
والجدير بالذكر أن أبا هريرة الذي تعظموه غاية التعظيم، ولا ترضون بذكر مثالبه ولعنه كان قد رافق بسرا في رحلته الدموية وحملته الإرهابية الدموية، وخاصة جناياته على أهل المدينة المنورة، وما صنع بكبار شخصيات الأنصار، مثل: جابر بن عبدالله الأنصاري، وأبي أيوب الأنصاري إذ حرقوا داره! وأبو هريرة حاضر وناظر ولا ينهاهم عن تلك الجرائم والجنايات!!
بالله عليكم أنصفوا!!
أبو هريرة الذي صحب النبي (صلى الله عليه وآله) مدة ثلاث سنوات ويروي خمسة آلاف حديث عنه (صلى الله عليه وآله)، هل من المعقول أنه لم يسمع الحديث النبوي المشهور الذي يرويه كبار العلماء والمحدثين، مثل السمهودي في " تاريخ المدينة " والإمام أحمد بن حنبل في " المسند " وسبط ابن الجوزي في " التذكرة " وغيرهم عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال:
" من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله، وعليه لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين، ولا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا ".
وقال (صلى الله عليه وآله): " لعن الله من أخاف مدينتي ـ أي أهل مدينتي ـ ".
وقال (صلى الله عليه وآله): " لا يرد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص ".
فهل من المعقول أن أبا هريرة ما سمع واحدا من هذه الأحاديث الشريفة؟!
إنه سمع! ومع ذلك رافق الجيش الذي هاجم المدينة المنورة وأخاف أهلها، ثم وقف بجانب معاوية المارق على إمام زمانه علي بن أبي طالب عليه السلام، وهو يومئذ خليفة رسول الله بحكم بيعة أهل الحل والعقد في المدينة المنورة.
فانضم أبو هريرة إلى معاوية مخالفا لأمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب، بل محاربا له عليه السلام، وما اكتفى بكل هذه الأمور المنكرة حتى بدأ يجعل الأحاديث المزورة والأخبار المنكرة في ذم ولي الله وحجته علي بن أبي طالب عليه السلام، برواية يرويها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحاشا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم حاشاه من ذلك كله.
والعجيب، أن مع كل هذه الأمور المفجعة والقضايا الفظيعة، قول القائل: إنه لا يجوز لعن أبي هريرة وطعنه، لأنه من صحابة النبي (صلى الله عليه وآله)!
وفي منطق أبي هريرة يجوز سب الإمام علي عليه السام ولعنه والعياذ بالله وهو أكرم الصحابة وأفضلهم، وأحب الناس إلى الله ورسوله (صلى الله عليه وآله).
الشيخ عبد السلام: الله الله! كيف تقول هكذا في شأن أبي هريرة وهو أعظم راو وأوثق صحابي؟!
فالطعن واللعن رأي الشيعة، وأما رأي عامة المسلمين في أبي هريرة، فإنهم يعظموه ويحترموه ويجلوه عن كل ما تقولون.
قلت: إن ما قلناه فيه لم يكن رأي الشيعة فحسب، بل هو رأي كثير من علمائكم ورجالكم، حتى الخليفة الثاني عمر الفاروق، فقد ذكر المؤرخون، كابن الأثير في الكامل في حوادث عام 23، وابن أبي الحديد في شرح النهج 2/104ط مصر وغيرهما، ذكروا: أن عمر بن الخطاب في سنة 21 أرسل أبا هريرة واليا على البحرين، وأخبر الخليفة بعد ذلك بأن أبا هريرة جمع مالا كثيرا، واشترى خيلا كثيرة على حسابه الخاص، فعزله الخليفة سنة23 واستدعاه، فلما حضر عنده، قال له عمر: يا عدو الله وعدو كتابه، أسرقت مال الله؟!
فقال: لم أسرق، وإنما هي عطايا الناس لي.
ونقل ابن سعد في طبقاته 4/90، وابن حجر العسقلاني في " الإصابة " وابن عبد ربه " العقد الفريد " الجزء الأول، كتبوا: أن عمر حينما حاكمه قال له: يا عدو الله! لما وليتك البحرين كنت حافيا لا تملك نعالا، والآن أخبرت بأنك شريت خيلا بألف وستمائة دينار!!
فقال أبو هريرة: عطايا الناس لي وقد أنتجت.
فغضب الخليفة وقام وضربه بالسوط على ظهره حتى أدماه! ثم أمر بمصادرة أمواله، وكانت عشرة آلاف دينار، فأوردها بيت المال.
وقد ضرب عمر أبا هريرة قبل هذا، كما ذكر مسلم في صحيحه 1/34 قال: في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضرب عمر أبا هريرة حتى سقط
على الأرض على قفاه!
ونقل ابن أبي الحديد في شرح النهج 1/360 ط مصر أنه قال أبو جعفر الإسكافي: وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا، غير مرضي الرواية، ضربه عمر بالدرة وقال : قد أكثرت من الرواية، أحرى بك أن تكون كاذبا على رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وذكر ابن عساكر في تاريخه، والمتقي في " كنز العمال ": أن الخليفة عمر بن الخطاب زجر أبا هريرة، وضربه بالسوط، ومنعه من رواية الحديث ونقله عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال له: لقد أكثرت نقل الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأحرى بك أن تكون كاذبا على رسول الله (صلى الله عليه وآله)!! وإذا لم تنته عن الرواية عن النبي (صلى الله عليه وآله) لأنفينك إلى قبيلتك دوس، أو أبعد إلى أرض القردة.
ونقل ابن أبي الحديد في شرحه 1/ 360 ط مصر، عن أستاذه جعفر الإسكافي، أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: ألا إن أكذب الناس ـ أو قال: أكذب الأحياء ـ على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبو هريرة الدوسي.
وذكر ابن قتيبة في " تأويل مختلف الحديث " والحاكم في الجزء الثالث من " المستدرك " والذهبي في " تلخيص المستدرك " ومسلم في صحيحه، ج2 في فضائل أبي هريرة: أن عائشة كانت تقول مرات وكرات: أبو هريرة كذاب، وقد وضع وجعل أحاديث كثيرة عن لسان النبي (صلى الله عليه وآله)!!
فأبو هريرة لم يكن مرفوضا وكذابا عندنا فحسب، بل هو مردود
وكذاب عند سيدنا الإمام علي عليه السلام، وعند مولاكم عمر الفاروق، وعند أم المؤمنين عائشة، وعند كثير من الصحابة والتابعين، والعلماء المحققين!!
كما إن شيوخ المعتزلة وعلماء المذهب الحنفي كلهم رفضوا مروياته وردوها، وأعلنوا: أن كل حكم وفتوى صدرت على أساس رواية عن طريق أبي هريرة، باطل وغير مقبول.
كما أن النووي في " شرح صحيح مسلم " في المجلد الرابع يتعرض لهذا الأمر بالتفصيل.
وكان إمامكم الأعظم أبو حنيفة يقول: أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) كلهم عندي ثقات وعدول، والحديث الواصل عن طريقهم عندي صحيح ومقبول، إلا الأحاديث الواصلة عن طريق أبي هريرة وأنس بن مالك وسمرة بن جندب، فلا أقبلها، وهي مردودة ومرفوضة.
(وصل الحديث إلى هنا فصار وقت صلاة العشاء).
وبعد أداء الصلاة وتناول الشاي.
قلت: نظرا إلى ما سبق من أقوال العلماء والأئمة حول أبي هريرة ونظرائه، لا بد لنا أن نحتاط في قبول مطلق الأحاديث، والاحتياط الذي هو سبيل النجاة يقتضي التحقيق والتدقيق في ما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله).
وكما ورد عنه (صلى الله عليه وآله): كلما حدثتم بحديث عني فاعرضوه على كتاب الله سبحانه، فإذا كان موافقا فخذوه، وإن كان مخالفا لكلام الله تعالى فاتركوه.