أخي الفاضل ، العبوشي سلام و تحية ؛
إليك هذه الكلمات من تجربتي التي عشتها :
[ كم يكون صادما للنفس ، و مؤلما لما نكتشف وفي لحظة من الزمن ، أن ما كنا نعتقده صوابا ، لم يعد شيئا مذكورا ، وأن ما تعلمناه في المدرسة على أنه الحقيقة ليس الا وهما، فلنا أن نتصور ، بعد أن نكون قد فطمنا ، وبلغنا الأشد ، لنكتشف أن تلك الهالة القدسية التي كانت تحظى به بعض الأفكار ، وحتى بعض الأشخاص ، لم تعد إلا صفرا على اليسار ، رغم أنها كانت تلقى إلينا آناء الليل و أطراف النهار ، على أنها الحق المطلق الذي لا يأتيه الباطل من بين يده ، و لا من خلفه ، وأن مجرد الإقتراب منها ـ أي تلك الهالة ـ في محاولة لإستخدام العقل الذي هو مناط التكليف ، إنما إقتراف للمحذور ، و وقوع في المحضور ، بل وتعالت عليك من حيث تعلم و من حيث لا تعلم صيحات تدعوا بالويل و الثبور ، وبالطرد من الرحمة ، والخلود في النار٠
وهذه الصدمة و هذا الألم تسبب حرجا بالغ التعقيد خاصة بالملتزمين بمثالية الذات ، وحقيقة يجب الإعتراف أن هناك صعوبة بالغة في تغيير المألوف والمتعارف عليه ، وذلك على مستوى السلوكيات ، كما يقر بذلك علماء النفس ، وبالأحرى إذا تعلق الأمر بالمبادئ و المعتقد ، فالفرد يرفض أن يتخلى بسهولة عما إعتقده وآمن به ، حتى ولو إصطدم ذلك بالحقائق و الوقائع المادية الجديدة ، فهو لا يقبل الحقائق الجديدة بكل بساطة وسهولة ، بل لا بد من وقت كاف ليستوعب هول الصدمة وآلام الإكتشاف ، هذا إن لم يحاول لإلتفاف حول هذا التناقض ، تعنتا وتعصبا ، تارة بالتشكيك في صحة البديل الجديد ، وتارة بإعادة تفسيره و تأويله بطريقة تزيل هذا التخبط ، و هذا الهول الواقع من الصدمة ٠ ]
مقتطف من كتابي : الإنقلاب على منهاج النبوة