و قيام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالدعوة و نهضته على الكفر و الوثنية فيما تقدم على الهجرة و إدامته ذلك و ما وقع له من الحروب و المغازي مع الكفار و المشركين فيما تأخر عن الهجرة كان عملا منه (صلى الله عليه وآله وسلم) ذا تبعة سيئة عند الكفار و المشركين و ما كانوا ليغفروا له ذلك ما كانت لهم شوكة و مقدرة، و ما كانوا لينسوا زهوق ملتهم و انهدام سنتهم و طريقتهم، و لا ثارات من قُــتل من صناديدهم دون أن يشفوا غليل صدورهم بالانتقام منه و إمحاء اسمه و إعفاء رسمه غير أن الله سبحانه رزقه (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الفتح و هو فتح مكة أو فتح الحديبية المنتهي إلى فتح مكة فذهب بشوكتهم و أخمد نارهم فستر بذلك عليه ما كان لهم عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) من الذنب و آمنه منهم.
فالمراد بالذنب - و الله أعلم - التبعة السيئة التي لدعوته (صلى الله عليه وآله وسلم) عند الكفار و المشركين و هو ذنب لهم عليه كما في قول موسى لربه: «و لهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون»: الشعراء: 14، و ما تقدم من ذنبه هو ما كان منه (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكة قبل الهجرة، و ما تأخر من ذنبه هو ما كان منه بعد الهجرة، و مغفرته تعالى لذنبه هي سترة عليه بإبطال تبعته بإذهاب شوكتهم و هدم بنيتهم، و يؤيد ذلك ما يتلوه من قوله: «و يتم نعمته عليك - إلى أن قال - و ينصرك الله نصرا عزيزا».
وفي كتاب { عيون اخبار الرضا }الرضا (عليه السلام) قال المأمون مخاطبا الامام الرضا عليه السلام:
يا ابن رسول الله أ ليس من قولك إن الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، إلى أن قال قال: فأخبرني عن قول الله عز و جل: «ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك و ما تأخر». قال الرضا (عليه السلام):
لم يكن أحد عند مشركي مكة أعظم ذنبا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة و ستين صنما فلما جاءهم بالدعوة إلى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم و عظم، و قالوا أ جعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب، و انطلق الملأ منهم أن امشوا و اصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق فلما فتح الله على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة قال: يا محمد إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك و ما تأخر عند مشركي مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم و ما تأخر لأن مشركي مكة أسلم بعضهم، و خرج بعضهم عن مكة، و من بقي منهم لم يقدر على إنكار التوحيد إذا دعا الناس إليه فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا بظهوره عليهم. فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن.
عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
مَنَّ عليّ ربي وقال لي: يا محمد أرسلتك إلى كل أحمر وأسود، ونصرتك بالرعب وأحللت لك الغنيمة، وأعطيت لك ولأمتك كنـزاً من كنوز عرشي: فاتحة الكتاب، وخاتمة سورة البقرة.
وقال صلى الله عليه وآله وسلّم : هي شفاء من كل داء إلا السام، يعني الموت.
وعن أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال: لو قرأت الحمد على ميت سبعين مرة، ثم ردت فيه الروح ما كان عجباً.
لذلك فقد وردت ختومات عدة لهذه السورة منها ان تقرء 70 مرة بنية الشفاء لأي مرض .