استدلوا أيضاً بدليل آخر على حرمة سب الصحابي
ويمكن أن نعبّر عنه بـ (( دليل الملازمة بين الطعن بالصحابي والطعن بالدين ))
وحاصل ما أفادوه : أن الطاعن بالصحابي طاعن بالكتاب والسنة ( فهو طاعن بالدين ) وذلك لأنهم ( أي الصحابة ) نقلة الكتاب والسنة ، فالطعن فيهم طعن فيهما .
ولعله أقوى أدلتهم والله أعلم .
وهذا الدليل استدل به الدكتور حين إيراده لكلام أبي زرعة الرازي حيث قال:
(( قال أبوزرعة الرازي : إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا حق ، والقرآن حق ، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح أولى بهم وهم زنادقة .)) اه
وقد أمضى الدكتور الفاضل هذا الدليل ولم يعلّق عليه مما يوحي بأنه يوافق الرازي فيما أفاده وقرره .
ولا أريد أن أعبّر عن هذا الدليل بتعبير جارح أو مخل لأدب الحوار ، ولكن ليعذرني الدكتور الفاضل فإن هذا الدليل لا يستدل به العلماء أمثاله !
وسوف نبسط الكلام في بيان بطلانه لا لأنه متين وقوي ! كلا بل لأنه أخذ موقعاً كبيراً من الإستدلال في كتبهم ، وقد استدل به الدكتور أيضاً فلن نخرج عن مناقشته بإذن الله تعالى .
ولا بأس بأن نضع خطّة البحث ، فيقول كفاية الأصول راجياً رضا ولي الله :
إن هذا الدليل باطل وضعيف جداً ، ويمكن بيان بطلانه بعدّة أمور :
الأول ـ ما أفدناه من عدم انعقاد الإطلاق وبيان جريانه هاهنا . الثاني ـ مخالفته لسيرة العقلاء . الثالث ـ الكلام في الملازمة وبيان بطلانها . الرابع ـ عدم فهم الصحابة لهذا الأمر . الخامس ـ عدم التزامهم بهذه الملازمة الكبروية والدليل على ذلك تضارب فتاواهم ( كما نقل الدكتور ) ! .
فهذه خمسة أمور تبطل هذا الدليل وتهدّه من أساسه ، وسنأتي إليها مفصلاً وسنفرد كل واحدة بمشاركة .
وسنستدل ببعض فتاوى الدكتور الكريم في ما سنبيّنه بإذن الله تعالى .