وقيل أن عليا أسلم قبله لكن علي كان صغيرا وإسلام الصبي فيه نزاع بين العلماء ولا نزاع في أن إسلام أبي بكر أكمل وانفع فيكون هو أكمل سبقا بالاتفاق واسبق على الإطلاق على القول الآخر فكيف يقال على اسبق منه بلا حجة تدل على ذلك الخامس أن هذه الآية فضلت السابقين الأولين ولم تدل على أن كل من كان اسبق إلى الإسلام كان أفضل من غيره وإنما يدل على أن السابقين أفضل قوله تعالى لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى فالذين سبقوا إلى الإنفاق والقتال قبل الحديبية أفضل ممن بعدهم فان الفتح فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية
و إذا كان أولئك السابقون قد سبق بعضهم بعضا إلى الإسلام فليس
فمعلوم أن أبا بكر أخص بهذا فانه لم يجاهد قبله أحد لا بيده ولا بلسانه بل هو من حين آمن بالرسول ينفق ماله ويجاهد بحسب الإمكان فاشترى من المعذبين في الله غير واحد وكان يجاهد مع الرسول قبل الأمر بالقتال وبعد الأمر بالقتال كما قال تعالى وجاهدهم به جهادا كبيرا فكان أبو بكر اسبق الناس و أكملهم في أنواع الجهاد بالنفس والمال
كان عمر مع كمال قوته وشجاعته يقول له يا خليفة رسول الله تألف الناس فيقول علام أتالفهم أعلى دين مفترى أم على شعر مفتعل وهذا باب واسع يطول وصفه فالشجاعة المطلوبة من الإمام لم تكن في أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل منها في أبي بكر ثم عمر وأما القتل فلا ريب أن غير علي من الصحابة قتل من الكفار أكثر مما قتل علي
فإن كان من قتل أكثر يكون أشجع فكثير من الصحابة أشجع من علي فالبراء ابن مالك أخو أنس قتل مائة رجل مبارزة غير من شورك في دمه
وأما خالد بن الوليد فلا يحصى عدد من قتله إلا الله وقد انكسر في يده في غزوة مؤته تسعة أسياف ولا ريب أنه قتل أضعاف ما قتله علي
وكان لأبي بكر مع الشجاعة الطبيعية شجاعة دينية وهي قوة يقينية بالله عز وجل وثقة بأن الله ينصره والمؤمنين وهذه الشجاعة لا تحصل بكل من كان قوي القلب لكن هذه تزيد بزيادة الإيمان واليقين
ومن عرف هذا تبين له أن المقاصد التي يحبها الله ويرضاها التي حصلت لأبي بكر أكمل مما حصل لعمر والتي حصلت لعمر أكمل مما حصل لعثمان والتي حصلت لعثمان أكمل مما حصل لعلي
وسيرة عثمان في الولاية كانت أكمل من سيرة علي
فقالوا فثبت أن عثمان أفضل لأن علم القرآن أعظم من علم السنة
وفي صحيح مسلم وغيره أنه قال يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة
وعثمان جمع القرآن كله بلا ريب وكان أحيانا يقرؤه في ركعة وعلي قد اختلف فيه هل حفظ القرآن كله أم لا