ماذا قال تعالى في الولد؟
(يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا )
ماذا يوحي اليك هذا؟
هل كان الهدف من السائل ان يرث المال ام العلم والدعوة الى اللـه؟؟؟
الانبياء علـيـهم السلام لايهتمون بجمع المال اساسا حتى يطلبون من يرثه منهم
ولا يمكن تصور ذلك في حقهم
فحتى خوفه .. كيف يمكن ان تفسر خوفه الى ذهاب المال؟؟؟
فهل عنده قصور وضياع يهتم لها ولايريدها ان تصل الى ابناء عمومته مثلا!!!
هذا تفسير ركيك في مقام الانبياء وبالنظر الى سيرتهم وايضا بالنظر الى جواب اللـه تعالى
لاتناقض هنا
فخوفه على الدعوة بان يطلب من اللـه تعالى ان يجعل له من يتولاها من ذريته موافق لمقضى النبوة
بل موافق لاهتمامه بنشر العلم بمن يقوم هذا المقام
ولماذا يخاف على المال اساسا!!!
الانبياء ليست رسالتهم جمع المال والحرص على توريثه
بل العلم والحكمة .. والحرص على من يقوم مقامهم في بيان ذلك لمن بعدهم
فوراثة ال يعقوب اي وراثة العلم والقيام بمقامه فيهم وليس حجب العلم عن غيره
لان العلم قد يتعلمه الناس بقدر معين ولكن قد لايكون فيهم من يقوم بحمله الى الناس بالشكل المطلوب
بسمه تعالى
ظهور كلمة الأرث هنا في هذا المعنى تعني ارث الأموال ، لأن هذه الكلمة إِذا كانت مجرّدة عن القرائن الأُخرى، فإِنّها تعني إِرث الأموال، أمّا في موارد استعمالها في بعض آيات القرآن في الأُمور المعنوية، كالآية (32) من سورة فاطر: (ثمّ أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا)فلوجود القرائن في مثل هذه الموارد.
إِضافة إِلى أنّه يستفاد من قسم من الرّوايات أن هدايا ونذوراً كثيرة كانت تجلب إِلى الأحبار ـ وهم علماء اليهود ـ في زمان بني إِسرائيل، وكان زكريا رئيس الأحبار
وإِذا تجاوزنا ذلك، فإِن زوجة زكريا كانت من أسرة سليمان بن داود، وبملاحظة الثروة الطائلة لسليمان بن داود، فقد كان لها نصيب منها.
لقد كان زكريا خائفاً من وقوع هذه الأموال بأيدي أناس غير صالحين، وانتهازيين، أو أن تقع بأيدي الفساق والفجرة، فتكون بنفسها سبباً لنشوء وانتشار الفساد في المجتمع، لذلك طلب من ربّه أن يرزقه ولداً صالحاً ليرث هذه الأموال وينظر فيها، ويصرفها في أفضل الموارد.
والرّواية المعروفة المروية عن فاطمة الزهراء( صلوات الله عليها )، والتي استدلت فيها بهذه الآية من أجل استرجاع فدك، هي شاهد آخر على هذا المدعى.
ينقل العلاّمة الطبرسي في كتاب الإِحتجاج عن سيدة النساء(عليها السلام): إِنّه عندما صمم الخليفة الأوّل على منع فاطمة الزهراء(عليها السلام) فدكاً، وبلغ ذلك فاطمة، حضرت عنده وقالت: «يا أبا بكر! أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئاً فرياً! أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إِذ يقول فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا: (إِذ قال رب هب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب؟)
أنّ ما كان يشغل فكر زكريا ـ نبي الله الكبير ـ هي مسألة الأموال، ولم تكن تشغله كمسألة شخصية، بل باعتبارها مصدراً لفساد أو صلاح المجتمع; لأنّ بني إِسرائيل ـ وكما قيل أعلاه ـ كانوا يأتون بالهدايا والنذور الكثيرة إِلى الأحبار فكانت تودع عند زكريا، وربما كانت هناك أموالا متبقية من قبل زوجته التي كانت من أسرة سليمان، ومن البديهي أن وجود شخص غير صالح يتولى هذه الأموال قد يؤدي إِلى مفاسد عظيمة، وهذا هو الذي كان يقلق زكريا.
وأمّا الصفات المعنوية التي ذكرت ليحيى في هذه الآيات والآيات الأُخرى، فإِنّها تؤيد ما ذكرنا، وتنسجم معه، لأنّه أراد أن تقع هذه الثروة العظيمة بيد رجل صالح يستفيد منها في سبيل المجتمع.