كنّا قد توصلنا مما سبق الى ان علامة بنو فلان هي واحدة من العلامات المهمة والمؤكدة قبيل الظهور
وفي هذا المبحث سوف نركز على فهم من هم بنو فلان ، وسنبين اكثر اهمية علامتهم وانها ليس فقط من المؤكدات بل من الحتميات ، وكذلك ما يمكن الاستفادة من روايات اخرى تبين بشكل اوضح التقريب الزماني لتحقق علامتهم قبيل الظهور
وعليه مما نفهمه وفهمه بقية الباحثين ، ان تعبير المعصوم ع بالرمز المشار اليه ( بنو فلان او بني فلان ) هو في الاغلب للتقية ، فاذا اخذنا في الاعتبار المهم زمن صدور هذا النص وهو زمن الامام الباقر ع فما بعده من المعصومين ع ، فان الحاكم ذلك الوقت هم بني العباس !
وعليه سيكون اهم وارجح ما يفسر مقصد بني فلان هم بني العباس ، وتم الاشارة اليهم بهذا الرمز للتقية وبالتالي دفع الضرر عن الامام ع ومن ينقل عنه من صحابته ، ولعل بعض الروايات المنقولة عن المعصومين ع زمن دولة بني العباس ذكرتهم بالاسم الصريح . كما في الرواية التالية : عن الحسن بن ابراهيم قال : ( قلت للرضا (عليه السلام) أصلحك الله إنهم يتحدثون عن السفياني يقوم ، وقد ذهب سلطان بني العباس ؟ فقال : كذبوا انه ليقوم وان سلطانهم لقائم ) بحار الأنوار ج52 ص251 . انتهى ،،، وهناك غيرها من الروايات
أما ما يخص أهمية علامة بني فلان التي هي علامة بني العباس فنستخرجها من الرواية التالية :
اذن ! اختلاف بني العباس هو من العلامات الحتمية ، وهو قبل الظهور بفترة ليست بالطويلة كما ظهر لنا سابقا ، وتبين لنا الان ان التعابير السابقة في رواية الامام الباقر ع التي كانت تؤكد علامة اختلاف بني فلان ( بني العباس ) باقصى درجات التأكيد هي في حقيقتها دلالة على حتميتها ( ولعل مثل هذا يمكن الاستفادة منه كقرينة لاحقا وفي روايات اخرى لمعرفة احتمال كون العلامة هي اقرب للحتمي اذا تشابه نفس نوع التأكيد عليها كما هنا )
اذن باختصار ومحصلة مختصرة لما سبق فان علامة اختلاف بني العباس الذين محلهم الجغرافي في الحجاز هو علامة حتمية الوقوع قبيل الظهور وبفترة ليست بالطويلة ، وسندرج رواية الان لعلها يمكن ان تقرّب وتحدد اكثر هذا الحدث وكما يلي :
( الإختصاص للشيخ المفيد ص 255: عن جابر الجعفي قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام : يا جابر إلزم الأرض ولا تحرك يداً ولا رجلاً حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها , أولها اختلاف ولد فلان ، وما أراك تدرك ذلك ولكن حدث به بعدي ، ومناد ينادي من السماء ، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح ، ويخسف بقرية من قرى الشام تسمى الجابية وتسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن ، ومارقة تمرق من ناحية الترك ، و يعقبها مرج الروم ، وستقبل إخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة ، وستقبل مارقة الروم حتى تنزل الرملة ، فتلك السنة يا جابر فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب فأول أرض المغرب[أرض] تخرب الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات راية الأصهب وراية الأبقع ، وراية السفياني فيلقي السفياني الأبقع فيقتتلون فيقتله ومن معه ويقتل الأصهب ، ثم لايكون همه إلا الإقبال نحو العراق ويمر جيشه بقرقيسا ... الخ )
اقول : فأول علامة يذكرها المعصوم ع لجابر الجعفي رض هي اختلاف ولد فلان ، وهي ما نعتقده نفس العلامة التي تكررت الذكر في الروايات السابقة وبينت انها حتمية الوقوع وقريبة من الظهور .
ثم يذكر المعصوم ع جملة من العلامات المختلفة بعد علامة اختلاف ولد فلان الى ان يصل الى علامة /حدث وهو : " وستقبل مارقة الروم حتى تنزل الرملة " وبعدها مباشرة ً يذكر المعصوم ع التالي وهو المهم هنا فيما يخصنا من استظهار التحديد فيقول عليه السلام : " فتلك السنة ياجابر فيها اختلاف كثير في كل ارض من ناحية المغرب "
وحيث انّ المعصوم ع ربط كل العلامات والاحداث السابقة واولها كان اختلاف ولد فلان بسنة محددة واحدة ( فتلك السنة ) ، فان الظاهر والمحتمل هنا يكون توقيت حصول اختلاف بني فلان ( بني العباس ) في نفس هذه السنة ، وحيث انها ذكرت احداث السفياني في تفاصيلها فهي نفس سنة الظهور والصيحة لان خروج السفياني الحتمي في رجب هو سيكون في نفس عام الظهور والصيحة .*
وعليه ووفق هذا التقريب والتحديد لو افترضنا مثلا ان علامة اختلاف بني العباس سيكون في اول شهر من سنة الظهور وهو شهر محرم الحرام ، فسيكون بينها وبين الظهور / الصيحة 9 اشهر وبينها وبين قيام القائم في شهر محرم التالي هو سنة كاملة ، وهذا ايضا كافي ولا يتقاطع مع مضمون الرواية ( رواية اذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على احد ... الخ ) التي تذكر ان بني العباس بعد اختلافهم يذهب عنهم ملك السنين ويصير ملك الشهور والايام ولا يطول هذا الامر .
ولعل الرواية التالية تبين نفس المضمون وتفسر قربها من ظهور :
أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا القاسم بن محمد قال: حدثنا عبيس بن هشام، قال: حدثنا عبدالله بن جبلة، عن أبيه، عن محمد بن الصامت، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: " قلت له: ما من علامة بين يدي هذا الامر؟ فقال: بلى، قلت: وما هي؟ قال: هلاك العباسي، وخروج السفياني، وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء، والصوت من السماء، فقلت: جعلت فداك أخاف أن يطول هذا الامر؟ فقال: لا إنما هو كنظام الخرز يتبع بعضه بعضا )
اقول : هلاك العباسي هو الارجح نفس العباسي ( والذي سمته احدى الروايات بـ عبد الله ) الذي بعد موته يحصل الاختلاف والذي هو بدوره العلامة الحتمية التي ذكرها المعصوم ع ،
وكذلك تشير الرواية الى ما يفسر قربها من الظهور وان هذا الامر ( اي فترة اختلافهم ) لا تطول كثيرا حتى تتصل بتحقق الظهور ، يعللها المعصوم ع بانها : " إنما هو نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضا " اي مجموعة هذه العلامات الحتمية هي كلها قريبة من الظهور وداخلة في نظام الخرز ولعل اول علامة في هذا النظام هي اختلاف بني العباس ، ولقد بينا في طرح سابق ان نظام الخرز والاحداث الواقعة فيه تكون قريبة متسلسلة متعاقبة ومترابطة كثيرا . وهذا يزيد من رجحان توقع قربها من الظهور ،،، فتأمل وافهم .
وأما اذا لم يصدق الاحتمال والتقريب السابق فلا أظن يطول اكثر من سنة اضافية اخرى ، والله اعلم .
لذلك وبعد هذا الاستظهار وما فهمناه من التفاصيل نحن امام علامة مهمة حتمية الوقوع قبل الظهور . ولعلها اول علامة حتمية من العلامات الاجتماعية ، وايضا لعله كثيرا لها مدخلية مهمة " سببية طبيعية " في تحقق انجاح وتسهيل الظهور اذا ما علمنا ان قيام القائم سيكون من مبدأه من الحجاز ومن مكة تحديدا وهو في بدايته قليل العدد والانصار مقارنتا بما حوله والسلطة الحاكمة هناك .
هذا ما نستطيع ان نبينه من تفاصيل وفهم الرواية السابقة وما له علاقة بها من الروايات الاخرى اذا وفقنا الله واصبنا الحق
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم