العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الثقافي

المنتدى الثقافي المنتدى مخصص للكتاب والقصة والشعر والنثر

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

الصورة الرمزية صدى المهدي
صدى المهدي
عضو فضي
رقم العضوية : 82198
الإنتساب : Aug 2015
المشاركات : 1,681
بمعدل : 0.45 يوميا

صدى المهدي غير متصل

 عرض البوم صور صدى المهدي

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي تسبيح الزهراء.. قراءة في الأسرار والثمار الروحية
قديم بتاريخ : اليوم الساعة : 08:38 AM





تسبيح السيدة الزهراء ليس مجرد تكرارٍ لفظيٍّ لثلاث جمل، بل هو رحلةٌ في معاني العبودية، تجمع التوحيد في أركانه الثلاثة: التعظيم، والتنزيه، والشكر، فهي تختصر فلسفة العبودية كلها في تسبيحةٍ من مائة لفظة.
من بين كلّ صور الذكر والعبادة التي عُرفت في التراث الإسلامي، يسطع تسبيح السيدة الزهراء كجوهرةٍ خالدة من نورٍ وطمأنينة، ليس لأنه تسبيح بعددٍ معيّن من الكلمات فحسب، بل لأنه سيرةٌ روحية في كلمات، ومدرسة توحيدٍ مختصرة، تُعبّر عن عمق العلاقة بين العبد وربّه، كما تجلّت في قلب الزهراء البتول.
البداية المباركة: من التعب إلى النور:

تبدأ القصة كما يرويها التاريخ الموثوق والروايات المعتبرة:
كانت فاطمة الزهراء تخدم بيتها بيديها الطاهرتين، تطحن بالرَّحى حتى أثّر الحجر في كفّيها، وتستقي الماء حتى أثّر القِرب في صدرها. فلما رأت تعبها بعض نساء المهاجرين، قلن لها: ”لو سألتِ أباكِ خادماً يخفّف عنكِ“، فذهبت إلى رسول الله ﷺ، فاستقبلها بحنان الأبوة والنبوّة، وقال لها:
“يا فاطمة، ألا أعطيكِ ما هو خيرٌ لكِ من خادمٍ ومن الدنيا بما فيها؟
إذا أخذتِ مضجعكِ فسبّحي الله أربعاً وثلاثين، واحمديه ثلاثاً وثلاثين، وسبّحيه ثلاثاً وثلاثين، واختِمي بلا إله إلا الله، فهو خيرٌ لكِ من خادمٍ ومن الدنيا بما فيها.”
ابتسمت الزهراء رضاً وتسليمًا، وقالت: ”رضيتُ عن الله ورسوله.“ [1]
ومنذ ذلك اليوم، لزمت هذا التسبيح، حتى صار ميراثًا روحيًا خالدًا، يُعرف في الأمة بـ تسبيح الزهراء، ويُعدّ من أعظم الأذكار بعد الصلاة.
المعنى العميق في البساطة اللفظية:

تسبيح السيدة الزهراء ليس مجرد تكرارٍ لفظيٍّ لثلاث جمل، بل هو رحلةٌ في معاني العبودية.
ففي ”الله أكبر“ تترسّخ عقيدة التعظيم، إذ يعترف اللسان والقلب بأنّ لا عظمة إلا لله، وأن كلّ ما عداه صغير في ملكوته.
وفي ”الحمد لله“ يتجلى سرّ الشكر والرضا، فكلّ ما يجري في الوجود نعمةٌ منه تستحق الحمد.
وفي ”سبحان الله“ يظهر تنزيه الباري عن كل نقصٍ وعيب، ليطهر القلب من أوهام المادة والنقصان.
إنها كلمات ثلاث، ولكنها تجمع التوحيد في أركانه الثلاثة:

التعظيم، والتنزيه، والشكر. ومن هذا الجمع جاءت عظمتها؛ فهي تختصر فلسفة العبودية كلها في تسبيحةٍ من مائة لفظة.
موارد التسبيح في حياة المؤمن:

تنوّعت موارد هذا التسبيح في الروايات عن الأئمة ، حتى صار من الذكر الدائم الذي يصاحب المؤمن في كل حال:
  1. 1. عقب كل صلاة فريضة:
هو أشهر المواضع وأعظمها فضلًا. قال الإمام الصادق :
”من سبّح بتسبيح فاطمة قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة، غفر الله له ووجبت له الجنة.“ [2]
  1. 2. عند النوم:
قال الإمام الباقر : ”من بات على تسبيح فاطمة الزهراء كان من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات.“ [3]
عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: تسبيح فاطمة عليها السّلام، إذا أخذت مضجعك فكبّر اللّه أربعا وثلاثين واحمده ثلاثا وثلاثين وسبّحه ثلاثا وثلاثين وتقرؤ آية الكرسي والمعوّذتين وعشر آيات من أول «وَ الصَّافَّاتِ» وعشر من آخرها. [4]
قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا آوى أحدكم إلى فراشه، ابتدره ملك كريم وشيطان مريد؛ فيقول له الملك: اختم يومك بخير وافتح ليلك بخير، ويقول له الشيطان: اختم يومك بإثم وافتح ليلك بإثم. قال: فإن أطاع الملك الكريم وختم يومه بذكر له وفتح ليله بذكر اللّه؛ إذا أخذ مضجعه وكبّر اللّه أربعا وثلاثين مرة وسبّح اللّه ثلاثا وثلاثين مرة وحمد اللّه ثلاثا وثلاثين مرة، زجر الشيطان عنه فتنحّى، وكلأه الملك حتى ينتبه من رقدته. فإذا انتبه، ابتدر شيطانه فقال له مثل مقالته قبل أن يرقد، ويقول له الملك مثل ما قال له قبل أن يرقد. فإن ذكر اللّه عز وجل العبد بمثل ما ذكره أولا، طرد الملك شيطانه عنه فتنحّى، وكتب اللّه عز وجل له بذلك قنوت ليله. [5].
إنه ذكرٌ يسكّن النفس قبل المنام، ويجعل آخر ما يختم به المؤمن يومه هو التسبيح والتوحيد.
  1. 3. في قيام الليل وبعد صلاة الليل:
كان الأئمة يوصون بذكره بعد ركعات الليل لما فيه من صفاء القلب وتهذيب النفس.
قال الشيخ في مصباح المتهجد: إذا سلّم سبّح تسبيح الزهراء عليها السّلام، ثم يقول ثلاث مرات: سبحان ربي الملك القدوس العزيز الحكيم، يا حي يا قيوم، يا برّ يا رحيم، يا غني يا كريم، ارزقني من التجارة أعظمها فضلا وأوسعها رزقا وخيرها لي عافية، فإنه لا خير فيما لا عاقبة له. [6]
  1. 4. عند الخوف أو القلق أو رؤية الكوابيس:
فقد ورد في الروايات أن من داوم عليه قبل النوم أُبعد عنه الفزع والرؤيا المزعجة، كما ذكر صاحب العروة الوثقى لأن الذكر يحصّن القلب من وساوس الشيطان.
  1. 5. عند السفر والخروج من المنزل:
ورد أن الإمام الباقر كان إذا خرج من داره سبّح تسبيح الزهراء وقرأ آية الكرسي، مستودعًا الله نفسه وأهله، فيكون له حرزًا من الأخطار. [7]
عن الرضا عليه السّلام، قال: أتى أخوان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقالا: يا رسول اللّه، إنا نريد الشام في تجارة، فعلّمنا ما نقول؟
قال صلى اللّه عليه وآله: بعد إذا أويتما إلى منزل فصلّيا العشاء الآخرة، فإذا وضع أحدكما جنبه إلى فراشه بعد الصلاة فليسبّح تسبيح فاطمة عليها السّلام، ثم ليقرء آية الكرسي فإنه محفوظ من كل شي‏ء يهابه. [8]
  1. 6. عند الشدة أو التعب أو الحاجة:
كما أُعطي للزهراء في وقت التعب، فهو دواء لكلّ متعبٍ اليوم، ومن ردّده شعر أنّ الهمّ يزول والطمأنينة تحلّ محلّه.
فضائل التسبيح في الروايات:

الروايات في فضل هذا التسبيح كثيرة حتى قال العلامة المجلسي: ”ما ورد في فضل تسبيح فاطمة الزهراء لا نظير له في سائر الأذكار.“ ومنها:
عن الإمام الصادق : ”تسبيح السيدة الزهراء في دبر كل فريضة أحبّ إليّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم.“ [9]
فلو اجتمع العمل الجسدي الكثير مع الذكر الغافل، لكان هذا التسبيح الهادئ أولى وأقرب.
وعن الإمام الباقر : ”من سبّح تسبيح فاطمة ثم استغفر الله غفر الله له، وهو مائة على اللسان وألف في الميزان، ويطرد الشيطان ويرضي الرحمن.“ [10]
وعن الإمام الصادق : ”إنا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة كما نأمرهم بالصلاة، فالزمه، فإنه لم يلزمه عبد فشقي.“ [11]
وهذه الرواية تكشف بعدًا تربويًا فريدًا؛ إذ يُغرس الذكر في قلب الطفل منذ الصغر ليصبح جزءًا من تكوينه الروحي.
تسبيح فاطمة الزهراء في ميزان العرفان والروح:

إنّ سرّ عظمة هذا التسبيح يكمن في أنه ينقل العبد من حدود الألفاظ إلى فضاء الحضور. فحين يقول العبد ”الله أكبر“، لا يُعلنها بلسانه فقط، بل يُعلن انكسار النفس أمام عظمة الخالق. وحين يقول ”الحمد لله“، يُدرّب قلبه على الرضا بكلّ حال، فلا يشكو ولا يجزع. وحين يقول ”سبحان الله“، يُنقي فكره من كل تصوّرٍ ناقص عن الله.
هكذا يصنع التسبيح تربيةً داخلية هادئة، تُصقل القلب وتُنضج العقل. ومن هنا نفهم لماذا قال الأئمة : «ما عُبد الله بشيء من التمجيد أفضل من تسبيح فاطمة.»
لأنه عبادةٌ جامعة، خالية من الرياء، ومتصلة بالنية الخالصة، فهي ذكر المخلصين الذين لا يطلبون إلا وجه الله.
الآثار المعنوية والنفسية:

لقد ربطت الروايات بين تسبيح الزهراء وبين راحة النفس وطرد الهمّ والغمّ.
فمن بات عليه كان في حرزٍ من القلق والفزع، ومن داوم عليه بعد الصلوات شعر بخفةٍ في القلب وسكينةٍ في الفكر.
بل رُوي أن بعض الأصحاب شكوا ثقل السمع أو المرض، فنصحهم الإمام الصادق بتسبيح فاطمة، فزال عنهم ما يجدون. [12]
وكأنّ هذا الذكر يحمل ذبذبةً من الطمأنينة الإلهية تُعيد توازن النفس والجسد معًا.
تسبيح السيدة الزهراء في فكر الفقهاء والعرفاء:

أجمع فقهاء الشيعة على أنّ تسبيح فاطمة الزهراء مستحب مؤكد في التعقيبات بعد كل صلاة، بل هو أحبّ التعقيبات إلى الأئمة.
قال صاحب الجواهر في أفضلية تسبيح الزهراء عليها السّلام في التعقيبات:… ”ولعل الأقوى الاجتزاء في التعقيب بكل قول حسن راجح شرعا باللذات من قرآن أو دعاء أو ثناء أو تنزيه أو غيرها، أفضله تسبيح الزهراء عليها السّلام الذي ما عبد اللّه بشي‏ء من التحميد أفضل منه، ولو كان شي‏ء أفضل منه لنحله رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فاطمة عليها السّلام.“ [13]
وقال السيد الخوئي في تسبيح الزهراء عليها السّلام:… ”والظاهر استحبابه في غير التعقيب أيضا بل في نفسه، نعم هو مؤكد فيه وعند إرادة النوم لدفع الرؤيا السيئة، كما أن الظاهر عدم اختصاصه بالفرائض، بل هو مستحب عقيب كل صلاة.“ [14]
الآثار النفسية والروحية للتسبيح:

يُعلّمنا هذا التسبيح أن العبادة ليست حكرًا على الخلوة أو الصومعة، بل يمكن أن تنبثق من أبسط مواقف الحياة اليومية، فالزهراء لم تتلقّ التسبيح في مقام التجلي أو الخلوة، بل في قلب العمل المنزلي والجهد الجسدي، وهذا درسٌ بليغٌ لكل أمٍّ وكلّ عامل: أن الذكر يمكن أن يكون وقودًا للطاقة الروحية في وسط العناء.
ولذلك أوصى الأئمة بأن يُعلَّم للصبيان والنساء والرجال، ليصبح جزءًا من الإيقاع اليومي للحياة الإيمانية.
فهو ليس تسبيح الخاشعين فقط، بل تسبيح المجتهدين في أعمالهم، الذين يريدون أن يظلّ الله حاضرًا في كل تفاصيلهم.
التعب والسكينة.. فلسفة التسبيح في الحياة اليومية

في أصل القصة، طلبت الزهراء خادمًا لتخفيف تعب الجسد، فأعطاها النبي – ﷺ – ما يرفع تعب الروح، فكانت النتيجة أن تحوّل التعب إلى سكينة، والجهد إلى عبادة، والمشقة إلى نور.
ومن هنا قيل: تسبيح الزهراء جسر النور بين التعب والسكينة لإنه ليس تعويضًا عن الخادم، بل تحويل لحاجة الجسد إلى عروجٍ للروح، فصار الذكر خادمًا للقلب لا للجسد فقط.
التسبيح في وعي العلماء:

نقل المحدّث القمي أنّ بعض العلماء الصالحين كان يُؤدي تسبيح الزهراء ببطءٍ وتأملٍ حتى تستغرق منه ساعة كاملة، إذ كان يرى في كل كلمة معنى من معاني الله، وكانت دموعه تنحدر مع كل ”الله أكبر“، وكأنّه يرى في كل لفظةٍ بابًا من أبواب النور. [15]
وهكذا بقي التسبيح في حياة العارفين وسيلةَ صفاءٍ وتأملٍ وتجلٍّ، يجمع بين الذكر والفكر، بين العبادة والمعرفة، فمن أدّاه بحضور قلبٍ، كان كمن طاف حول عرشٍ من النور في باطنه.
الخلاصة: الذكر الذي لا يُملّ:

إن تسبيح السيدة الزهراء ليس عبادةً محدودة بالوقت، بل برنامج حياة، فهو ذكرٌ بعد الصلاة، ورفيق النوم، وحرز السفر، ودواء الهم، ووصية الأئمة، وميراث النبوة، يجمع البساطة في اللفظ، والعظمة في المعنى، ويُورث قلب صاحبه سكينةً لا تضطرب.
في زمنٍ يزداد فيه ضجيج الحياة، يظلّ تسبيح الزهراء واحةً من الطمأنينة، ومنارةً تذكّرنا بأنّ القرب من الله لا يحتاج إلى كثيرٍ من الكلام، بل إلى قلبٍ حاضر وكلمةٍ صادقة.
هو عبادةٌ خالدة تُضيء درب الذاكرين، وتبقى أنفاسها تتردّد كل ليلة في قلوب المؤمنين:
”الله أكبر، الحمد لله، سبحان الله.“
هذه الكلمات الثلاث تختصر رحلة الإنسان من الأرض إلى السماء، من التعب إلى الراحة، ومن الغفلة إلى الحضور، ومن الدنيا إلى الله.
موقع الجهات الإخبارية
————————




من مواضيع : صدى المهدي 0 النداء الإلهي ﴿يَا عِبَادِيَ﴾
0 تسبيح الزهراء.. قراءة في الأسرار والثمار الروحية
0 السجود على الأرض دليله و حكمته عند الشيعة
0 فاطمة الزهراء (س)؛ نموذج المرأة القيادية في المجتمع
0 بينَ فِضّةِ الشِّباكِ ونورِ الضّريحْ، يَهتِفُ اسمُ الزهراءِ
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 11:32 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية