امدحها . . تأسر قلبها
 
 
جلس الزوجان على مائدة الطعام . . تلك المائدة التي كانت عامرة بما لذّ وطاب منأصناف المشهّيات . . والتي قضت الزوجة نصف يومها في تحضيرها . . والتي تسببت في عدةحوادث للزوجة . . كجروح في أصابعها من جراء تقطيع اللحم . . والتواء في ساقهااليسرى عند الوقوف على الكرسي لإحضار كيس الأرز من فوق الدولاب . . وأخيرًا ورم فيجبهتها بسبب سقوط كومة البصل على رأسها
.
 
الزوج منهمك في إصطياد اللقم من المائدة . . ومضْغ قطع اللحم المشوي . . وأخْذحفنة أرز على قطعة اللحم . . ثم يتبع ذلك كله ببعض البازلاء المطبوخة . . والتي كانطعمها شهيًا كبقية الأطعمة الموجودة . . فزوجته أستاذة في صنع البازلاء واللحمالمشوي . . فقد تعلمت كل ذلك من بنات عمها. 
 
 
كانت الزوجة في حسن استقبال زوجها . . فقد قامت بشراء بعض الشموع الحمراء . . والتي وضعتها مضاءة على مائدة الطعام . . مع بعض الورود الحمراء والصفراء والبيضاء. . وزينت بها بقية الغرفة لتظهر في مشهد رومانسي حالم . . وحالة حب حقيقية بينالزوجين.
 
 
 
كما كانت الزوجة متهيئة متزينة لزوجها بأجمل زينة . . لابسةً ثوبًا أزرق مطرزًاببعض التطريزات الجذابة كان عندها منذ فترة الخطوبة . . لتجدّد به عهدها بتلكالفترة الحانية . . وتعيد به ذكريات الحب والغرام والشوق والهيام. 
 
 
 
وبعدما فرغ الزوجان من الطعام دار هذا الحوار بينهما
:
 
- ما رأيك في الفستان يا حبيبي ؟ هل تذكره ؟
 
- نعم . . أليس هذا فستان الخطوبة . . لقد تكدّر لونه وتغيّر كثيرًا.
 
- يتغير وجه الزوجة . . يا ليتني لم ألبسه . . كنت أريده أن يتذكر تلك الأيامالجميلة . . هكذا قالت الزوجة في نفسها.
 
- وما رأيك في الشموع والأزهار . . أليست رائعة ؟
- لا أدري لمَ تُجلسيننا في الظلام وهاهي الكهرباء متوفرة ؟
 
- وما رأيك في البازلاء يا حبيبي ؟
 
- ينقصها بعض الملح . 
 
- وما رأيك في اللحم المشوي؟
 
- لو كنتِ أكثرتِ من الأرز لكان أشهى.
 
 
 
قامت الزوجة بعد أن أُحبطت . . وبعدما ندمت أشد الندم . . واستعوضت ربها فياليوم الذي قضته في المطبخ . . وتجهيز البيت لاستقبال الزوج . . ودخلت لتناملتستقبل يومًا جديدًا من التعب والإرهاق وهي تردد في نفسها: في فترة الخطوبة كانيمتدحني كثيرًا . . وكنت أعتقد أنها مبالغات فأطلب منه أن يكف عن ذلك . . أما الآنفأشتهي كلمة إطراء على فستان أو زينة أو حتى طبخة فلا أجد . . إلى اللهالمشتكى.
 
 
 
 
ماذا تخسر لومدحتها ؟ ؟
 
 
أغلب الظن أن هذه الزوجة لن تقوم ببذل أي مجهود إضافي في البيت بعد الآن . . والسبب في ذلك أنها لم تسمع " كلمة المدح ".
 
 
فالنفس البشرية مجبولة على حب الثناء من الناس . . سواء كان الثناء بسبب أو بغيرسبب . . بحق أو بغير حق . .وكان هذا الثناء حافزًا لها على مزيد من الإنتاج والعطاء . . هذه الصفة عامة في الرجل والمرأة . . 
 
 
ولكنها عند المرأة أشد . . فهي في حاجةدائمًا لأن تكون في عينيْ زوجها أجمل النساء وأفتنهن . . وأن تكون أمهر النساء فيشئون المنزل وأرتبهن . . وأميزهن عقلا و تفكيرًا وثقافةً وأنضجهن . . ولكن ليس ذلككافيًا بالنسبة لها . . فأعظم من ذلك أن يمدحها الزوج على هذه الأمور وإن لم تكنفيها.
 
 
فلتمدحها على تنظيف المنزل وتجميله . . وعلى طبخها . . وعلى تنظيم مائدة الطعام . . وعلى ذوقها في اختيار الأزهار والشموع . . وعلى أناقتها واختيارها لألوانملابسها . . إلى غير ذلك مما تقوم به المرأة . . بل واشكرها عليه.
 
 
قد يقول الزوج: هل أمدحها وأشكرها على ما يجب عليها أن تؤديه ؟ أقول: نعم . . يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( من لم يشكر الناس لم يشكر الله ). فشكركالناس على الخير الذي قدموه لك نوع من حمد الله تعالى . . وزوجتك أولى الناس بالشكر . . 
 
 
فهي تتعب لإرضائك أكثر مما يتعب شخص آخر . . لذلك فهي أحق الناس بكلمة شكر أومدح ترفع بها معنوياتها وتحفزها على طاعتك والقرب منك . . بل ومطلوب أيضًا أنتمدحها وتشكرها أمام الناس . . وهذا له أثر عظيم عليها . . 
 
 
 
تعلم فن المدح
 
 
 
( 1 ) امدحها بالتفصيل
 
المرأة بفطرتها تحب التفاصيل . . وتحب إذا تحدثَتْ هي عن أمر أن تخبر بكل دقائقهالظاهرة والباطنة . . وإذا تحدثتْ عن حادثة بعينها رأيتها تصف لك الأشخاص كما لوكانوا حاضرين أمامك . . بملابسهم التي كانوا يلبسونها . . وتعبيرات وجوههم . . 
 
 
وتعليقات كل منهم على الحادثة . . وتجتهد في ذكر كل الكلمات التي وردت أثناءمحادثتها مع شقيقتها أو صديقتها . . ووصف الفستان الذي رأته في أحد المحلات حالرجوعها إلى المنزل بكل ما فيه من نوع القماش إلى نوع التفصيل إلى درجة اللون . . فكذلك كن أنت إذا مدحت . . امدح فعلها بتفاصيله. 
 
 
فإذا طبخت لك طعامًا فامدحه عامة . . ثم امدح ضبطها للملح فيه . . وامدح النضجالكامل له . . وامدح الخبز الساخن . . وامدح تنظيم المائدة . . وامدح مفرش المائدة . 
 
 
وإذا لبست ثوبًا فامدح الإنسانه التي تزيده الثيابُ المتنوعةُ جمالاً على جمال . . وامدح اختيار الألوان . . وامدح التطريزات التي في الثوب . . وامدح الرسوم التيعليه . . وامدح التناسق في الهيئة والألوان . . وهكذا. 
 
 
من عادة الرجال أنهم يعبرون عما بداخلهم من مشاعر بالأفعال لا بالأقوال . . فإنكان معجبًا بالطعام أتى عليه إلى آخره . . وإن أحب زوجته فإنه يعبر عن هذا الحببالعلاقة الحميمة . . إلى غير ذلك . . ولكن المرأة غير ذلك . . 
 
وعلى الزوج أن ينظرما الذي يناسب طبيعة المرأة ليفعله . . فإن الكلمة الطيبة تأسرها . . والمدح على ماتقوم به يرفع من روحها المعنوية . . ويُعلي همتها إلى السحاب . . لتفعل كل ما يطلبهمنها الزوج . . 
 
فتعلّم فن المدح. 
 
 
 
( 2 ) امدحها أمام الأقارب
 
 
من أعظم الأمور عند المرأة أن تمدحها أمام أقاربها . . خاصة أمام أبيها وأمها . . كأن تقول – رغم أنك تعاني من سوء طعامها - ابنتكم طباخة ممتازة . . أو أن تقول – وأنت تذوق الأمرّين من سوء تدبيرها المنزلي - إنها منظمة كالساعة . . أو قولك – وأنت تنام على جمر كثرة نومها - إنها نشيطة كالفراشة . . وتأكّد أنها - بمرور الوقتمادمت أنت مراعيًا لنفسيتها أمام أهلها – أنها ستُصلح من نفسها.
 
 
هذا على افتراض أنها لا تحسن فعل كل ذلك . . فما بالك إن كانت من الماهرات فيشئون المنزل وتنظيم البيت والطبخ وسلامة لسانها من القبائح وطاعتها لك ولله تعالى . . فستستحق بالتأكيد مدحا أكثر. 
أقول في النهاية أيها الأزواج . . تعلموا من علي بن أي طالب ( ع ) حينماوصف ثغر زوجته فاطمة الزهراء . . ومَدَحَهُ متغزلاً قال: 
 
 
قد فُزت يا عودَ الأراكِ بثغرهـا .:. .:. أما خِفتَ يا عودَ الأراكِ أراكَ 
 
لو كُنتَ من أهل القـتالِ قَتلـتكَ .:. .:. مـا فـاز مني يا سِواكُ سِواكَ
 
أيها الرجال . . تعلموا فن . . المدائح النسوية . . ولا تجعلوا بيوتكم خرابا خاليا من العواطف البشرية . . وصلي اللهم على محمد وعلى آله وسلم تسليما كتيرا.
 
 
 
 
__,_._,___